التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإعلام المسيحي: تحديات وحقائق

الإعلام المسيحي: تحديات وحقائق

هل شاهدت فيلم Perfect Stranger لبروس ويليز وهال بيري؟!،
لو فعلت فبالتأكيد ستفهم ما أقول، ولو لم تفعل أدعوك لمشاهدته فهو يدور في عالم الميديا.
مع بداية الفيلم ستجد نفسك أمام تسلسل منطقى للأحداث يسهل التكهن بمسببيها، لكن ومع تغيرات الأحداث ستجد نفسك تتبنى حقيقة مختلفة تماما في كل مرة، وستظل حتى المشاهد الأخيرة معتقداً أنك عرفت الجاني... لكن اللقطات النهائية تأتي صادمة لتكتشف أنك لم تكن تعرف أي شئ عن الحقيقة وما أعتقدته حقيقة لم يكن كذلك.

ما يلفت إنتباهي إلي الفيلم هو ان احداثة تدور في عالم الميديا، واهم محركاته تبدأ في العالم الإفتراضي: الإنترنت –وهو جزء من عالم الميديا- حيث تتوه الحقيقة بين ملايين المعلومات الملفقة والزائفة.
ربما هذا هو أكبر وأهم تحدي يواجهة الإعلام المسيحي، وإذا كانت هذه رغبتك حقا ان تعمل بالإعلام المسيحي فعليك ان تبدأ بسؤال نفسك: ما الذي يجعل الحقيقة التي أقدمها مختلفة متميزة؟ ومالذي يجعل الآخر يقبلها كحقيقة متفردة بين ملايين الأفكار المتدفقة عبر الميديا؟
(تابع بالأسفل)

هذا التحدي يرتبط بتحدي آخر، وهي المشكلة التي تعانيها الميديا المسيحية الآن: التشتت، على سبيل المثال نحن لدينا العديد من القنوات المسيحية على الأقمار الصناعية لكن لكل قناة ما يمكن أن نسميه :أجندتها الخاصة"، وكل منها تقدم رسالة الخاصة المختلفة عن الآخرين. لو قارنت هذه القنوات بالقنوات السلفية المنتشرة ستجد امراً مغايراً، فبرغم انها تبث مواد مختلفة عن بعضها إلا انك تتلقى في النهاية رسالة واحدة: السلفية لكن فقط في صور مختلفة.
لذا، للمرة الثانية، لو كنت ترغب في العمل الإعلامي المسيحي فمن فضلك لا تأتي لتقدم لنا أجندتك الخاصة بل قدم الرسالة الأساسية رسالة الخلاص: المسيح في الصورة التي تعجبك.

أعود للدراما الأمريكية، ما الذي يجعل مسلسل مثل "ذا سيمبسون" ناجحا بهذا الشكل؟
ببساطة لأنه يقدم نقداً ذاتياً لأسلوب حياة المجتمع الأمريكي.
النقد الذاتي هو أولى وسائل التقدم، ومع الأسف أن مجتمعاتنا لا تمارس ولا تقبل النقد الذاتي، لذا فهي قابعة في نهاية ركب التقدم. وإذا كانت الميديا المسيحية تريد التأثير والتقدم فعليها بين الحين والآخر ان تقدم نقداً ذاتياً لنفسها ولرسالتها، وهكذا ايضا على من يرغب في العمل الإعلامي المسيحي: هل أنت على إستعداد أن تمارس وتقدم النقد الذاتي؟

هذه فقط عدة إعتبارات لابد ان يعتبرها الذين يعملون في المجال الإعلامي المسيحي او الذين يرغبون في الإلتحاق بهذا المجال، وطالما تم تجاهلها طالما إستمر الفشل.
هذه ليست رسالتي انا لكنني فقط أنقل الواقع الموجود وبقليل من التأمل كل منا يستطيع ان يصل لحقيقة هذا الواقع.
يمكنك الان أن تذهب لمشاهدة الفيلم: ذا بريفكت سترينجر J
26 October 2010

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أفكار متناثرة حول محاورة القمص مكاري القمص تادرس الأخيرة عن الثالوث

  "يجب عليك أن تتخلى عن كل شيء، نيو. الخوف، الشك، وعدم التصديق. حرر عقلك." (مورفيوس، ذا ماتريكس 1999) " ا لعالم يتغير بمثالِك، لا برأيك." (باولو كويلهو، حساب منصة اكس الشخصي 2019) تداولت وسائل التواصل الاجتماعي لقاء بين محاور غير مسيحي والقمص مكاري القمص تادرس عن الثالوث والوحدانية في اللاهوت المسيحي. تم الاتصال بالقمص مكاري على حين غرة ودُونَ توقع منه؛ إلا أن الأخير تمكن من تقديم إجاباته بصورة لاقت إعجاب المتابعين، وشهدت له بالتفوق. كشف هذا اللقاء -ومحتويات تلك القناة ومثيلاتها بشكل عام- عن الحالة الذهنية لهذه النوعية من المحاورين، والتي يُمكن تفكيك بعض سماتها هكذا: 1. العقلية الذرية: أزمة التعامل مع الكليات عرَّف المستشرق الإسكتلندي هاميلتون جيب (1895-1971) مفهوم "العقل الذري atomistic mind " بأنه عقل يتسم بالتجزئة والتركيز على الجزئيات الصغيرة مع عجز واضح عن بناء الكليات أو الرؤى الشاملة. هذه العقلية تعجز عن الربط بين التفاصيل في إطار منظومة متكاملة، مما يؤدي إلى إنتاج تفكير مفكك غير قادر على فهم السياقات الكلية أو الاتجاهات الكبرى. ويصف المفكر ...

حياة باي والايمان بالله

  في العام 2010 – وبحسب جريدة ستار فونيكس الكندية- كتب باراك أوباما رسالة لمارتل يصف فيها رواية "حياة باي" قائلاً: "انها إثبات رائع لـ[وجود] لله." لم يكن اوباما مخطئًا، ففي توطئة الرواية كتب مارتل هذه الكلمات على لسان عجوز هندي في مقهى في بلدة بونديتشيري: "لدي قصة ستجعلك تؤمن بالله."   في الواقع إن الرواية لا تدور حول إثبات وجود الله إنما تدور حول "إعادة اكتشاف الإيمان."

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.