التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ظهور السيدة العذراء في كافة أنحاء مصر: قراءة هادئة


ظهور السيدة العذراء في كافة أنحاء مصر: قراءة هادئة
21 أكتوبر 2011

يري الفيلسوف اليوناني هراقليطس أن هناك طريقة يمكن بها بلوغ الحكمة وهي إدراك المبدأ الكامن في الاشياء، والمبدأ الذي أراه كامناً في قضية ظهور العذراء هو مبدأ الإحتياج للدعم النفسي والروحي والمعنوي للشعب القبطي الذي يعاني إضطهاداً دام قرون بغض النظر عما اذا كان الظهور حقيقيا ام لا.

انا أتحدث عن هؤلاء المسيحيون الذين فاتهم هذا المبدأ وبالتالي فشلوا في إدراك التعامل مع الموقف بحكمة.
ما الذي حدث حقًا؟ سأتحدث عن تجربتي الشخصية
(تابع بالأسفل)


المشاهدة الأولى: كانت حوالي الساعة السابعة والنصف عندما وصلت للكنسية، فهالني ما وجدت: شعب الكنيسة واقف بالموبايلات يهلل ويشدو ويقوم بتصوير نجم لامع في السماء  وبيقولوا دي العذراء اهه... بصيت يا جماعة دي كوكب الزهرة، مش العذراء خالص.. الناس أصرت انها العذراء، وده الفيديو للنجم اللي كان بيتصور:
لو خرج هؤلاء الأشخاص اليوم مساءاً لوجدوا نفس النجم الذي كانوا يصورنه أمس على أنه ظهور للعذراء، يتواجد الزهرة كل يوم، ولننظر ما تقوله الكتابات العلمية في هذا الشأن:
"دائما ما يكون الزهرة ألمع من أكثر الأجرام لمعانا في السماء، يمكن بسهولة رؤوية هذا الكوكب عندما تكون الشمس تحت خط الأفق، عندما يكون الزهرة في أقصى استطالة فإنه يبقى واضحا لفترة طويلة بعد غروب الشمس. ونظرًا لظهوره الساطع في السماء وجماله أعتقد القدماء أنه آلهة الحب والجمال Venus" (إنظر الصورة رقم 1 بالأسفل)
صورة 1

يمكن أيضًا رصد العديد من الظواهر الفلكية الشبيهة:

المشاهدة الثانية: بعد المشاهدة الأولى والتي لم نستطلع منها شيئا غير كوكب الزهرة، إنطلقت لكنيسة القديسيين مع بعض الأصدقاء، لم نرى شيئا فعليًا، كل ما كان هناك هو هو شعاع ليزر ينبثق من اسفل ليصنع دائرة خافتة في قلب السماء، ومما يؤكد انه ليزر ان كان بيبقى واضح على السحاب ولم يكن ضوء خلف السحاب بل أمام السحاب، وهذه النقطة الأخيرة بالغة الأهمية إذ تدل أن مصدر الضوء هو من الأرض وليس من فوق من السماء، كان الضوء يظهر واضحًا على شكل دائرة باهتة أمام السحاب وليس من خلفه ويتحرك بطريقة منتظمة ميكانيكية من اليسار إلي اليمين... مشاهدة واضحة جدًا لشعاع الليزر الذي يستخدم في الإحتفالات...
وهو ما نراه في هذه الفيديوهات:

تعليق على المشاهدتين: من الواضح أننا هنا امام مشاهدتين مختلفتين، المسافة بين كنيسة مارمينا وكنيسة القديسيين لا تتعدى عشر دقائق سيرًا على الأقدام... كان شعاع الليزر واضحًا من الكنيستين وكان كوكب الزهرة أيضًا واضحًا من الكنيستين، لكن في الكنيسة الأولى كان مشهد الليزر عاديًا جدا وكان كوكب الزهرة هو المشهد الجديد (بالنسبة للمشاهدين) وتم إعتباره ظهورًا للعذراء، أما في الكنيسة الثانية كان مشهد كوكب الزهرة مألوفًا ومشهد الليزر هو المشهد اللافت للإنتباه والذي تم إعتباره كظهور للعذراء.

بعد جولات ومشاهدات أخرى أمكن رصد التالي:
- كانت المشاهدات مختلفة من شخص لآخر ومن مكان لآخر: هناك من لم يشاهد غير الزهرة، وهناك من شاهد فقط شعاع الليزر، وهناك من شاهد حمام فقط، ... إلخ
بإختصار كل شئ في السماء تم إعتباره ظهورًا للعذراء بحسب المكان والشخص الذي يرصد.

- لكن: مع سؤال العديد من الوقف في الأماكن المختلفة لم أجد أي أحد رأى فعلاً العذراء ماثلة وواضحة مثلما كان في الزيتون وأسيوط، لا يوجد رصد لأي كيان واضح المعالم أو يمكن إعتباره السيدة العذراء: مجرد أضواء باهتة، حمام، كوكب، نجم ... إلخ
- كل الفيديوهات المنشورة على الإنترنت لا تحمل مشاهد مختلفة بل تلك المشاهد التقليدية التي رصدناها.

والسؤال: ما أدرانا أنها العذراء؟؟؟؟ هل الضوء يعني العذراء ؟؟ طب سؤال ليه ميكونش ما جرجس ليه ميكونش مار مينا ليه ميكونش المسيح نفسه ليه ميكونش الروح القدس ليه ميكونش اي قديس ثاني؟؟!!

هل من تبرير: إشاعة ظهور العذراء خرجت من أحد القنوات الفضائية (ربما كان هناك مصدر أسبق، لست متأكدًا) لكن الأكيد أن دعوة قناة الطريق للناس للخروج ورؤية العذراء في السماء هو ما خلق ما يسمى علميًا بـ: Religious Mass Delusion/hysteria، حيث تتحول المعاناة النفسية إلي أعراض مرئية ونتيجة الإشاعات تصبح سريعة الإنتشار بقوة لتجتاح كل شركاء هذه المعاناة.

هل فكرتم في الأمر من الناحية السياسية؟ أعتقد ان الفكرة سياسية في الأساس .. لعبة مخابراتية سياسية لصرف نظر الأقباط عما حدث في ماسبيرو وتقليل وطأة الحادث بصرف نظرهم الي الظهور، إن الظهور يخلق دعمًا نفسيًا إيجابيًا يقلل من وطأة الضغط النفسي السلبي مما يهدئ من ردود الأفعال، ويجعل تقبل الكارثة أمرًا سهلاً نسبيًا. وأسلوب تشتيت الإنتباه هذا أمر مستخدم من قبل القيادات السياسية في مصر من زمن طويل.


المشاهدات حول العالم: بالرغم من توارد الأنباء عن تكرار الظهور ومشاهدته في أمريكا وهولندا وغيرها من المناطق، وإتصال المئات بقناة الطريق يؤكدون مشاهدتها هناك، حتى الآن لم ينشر أي فيديو أو صورة للظهورات خارج مصر. وهو أمر يدعو للشك في تلك الإتصالات التي وردت لقناة الطريق.

أرجوكم إيماننا هو إيمان عاقل وليس ايمان غيبي... لا يوجد في الكتاب المقدس يشير إلي الايمان دون التعقل...

تعليق أنقله عن أبونا ابرآم إميل:
عندما ظهرت السيدة العذراء في الزيتون في الستينيات لم يحرك البابا كيرلس ساكناً, بل لم يذهب لرؤيتها حتى بعد التأكد من ظهورها واكتفى بالتعليق " العذراء في قلبي ", ألا نستفيد من هذا الرجل القديس, وألم يفكر الذين يهرولون وراء ظهور أنوار وألوان في السماء ماذا سيكون موقفنا كأقباط أمام الاعلام وأمام اخوتنا المسلمين, بل والأهم ماذا سيكون موقفنا أمام الله ونحن نلهث وراء شئ ليس له أي دليل, وهل أصبحت قضيتنا الآن هل هي تعزية أم نبؤة عن أحداث جديدة؟؟؟؟؟

أدعوكم للإهتمام بهذه الكلمات للدكتور مجدي فرج :
حلم المعجزة الدينية هو حلم خطير ، و خطورته تكمن في انه يغيّب الناس عن واقعهم و يخرجهم إلى عالم الأوهام و يبلد حس إدراكهم للواقع و مشاكله ، و يضعف قدراتهم على التفكير المنطقي ، و يعطل وصولهم لحلول حقيقية لمشاكلهم . . إنه بديل ديني للمخدرات التي تذهب بالعقل فلا يشعر المرء بمشاكله و تخفف من معاناته وقتياً و عندما يفيق يجد أن مشاكله مازالت موجودة و تفاقمت فيهرب إلى (( المزيد )) من (( المخدرات )) لينفصل عن الواقع و عن مشاكله .. و هكذا يصير خارج الحياة بتحدياتها و يصير عبء عليها و على الآخرين
إن الحلم الروحي كان دائماً حلم (( الخلاص )) .. خلاص من الخطية و الضعف و المرض و الموت ... خلاص من الضياع و تحقيق الذات من خلال شركة الله . و لكن الأحلام الدينية المنتشرة الآن هي أحلام إستغلالية ! ! تستغل الله من أجل السلطة و تستغل بركة القديسين من أجل تحقيق مصالح ضيقة !! و لما تعد فيها سعي نحو الشركة ولا الخلاص من خلال (( الشركة )) ، ، شركة الحياة مع الله و السلوك بوصاياه ولا الحياة في شركة القديسين متمثلين بإيمانهم .

النتائج السلبية:  واحدة من الأشياء الهامة التي رصدتها هي الإساءة للإيمان المسيحي، أثناء وقوفي أمام كنيسة القديسيين ومحاولة رصد أي مشاهدة كان الوقوف من المسلمين يسخرون من المسيحيين "الأعباط" –بحسب قولهم- الذين يهللون لسماء فارغة لا تحوى غير اشعة ليزر تتراقص امام السحاب. هذه الأمور تؤدي لإهانة إيماننا وتحوله من إيمان عاقل ومتعقل إلي إيمان يرنو إلي الشركة والإتحاد بالله إلي إيمان غيبي يبحث عن المعجزات والغيبيات. يتحول من إيمان بالإله المتجسد الذي إتحد بالإنسان إلي السعي وراء ماوراء الطبيعة، وبينما وراء الطبيعة هو الطبيعة التي لم تكتشف بعدًا نجعل الغير مسيحي يسخر وينفر من إيماننا لأنه لا يجد فيه غير تغييب.

أنا لا أقول أن الظهورات أمر مستحيل لكن هناك ظهورات تم رصدها بصورة واضحة للعيان لا جدال حولها مثل ظهور العذراء في الزيتون.

توما والشك: هل هذا التحليل يعبر عن توما؟ لا أعتقد، توما كان أمره مختلفًا تماما... توما رفض رؤية المسيح القائم والظاهر بكل كيانه أمامه، المسيح تحدث إلي توما، وكان ظهوره واضحًا للعيان.. بالرغم رفض توما الايمان بالمسيح القائم حتى لمس وآمن. الأمر هنا مختلف، نحن نتحدث عن رؤية لا هي واضحة ولا هي متفق على شكلها ولا تحمل أية دلالات.

أرجوك أيها العقل القبطي عد إلي ماضيك الغابر... إلي إكلمينضدس وأرويجانوس.. أي هيباثيا وأفلوطين... عد حيث كنت سيد العالم في العلم واللاهوت والفلسفة

في الختام رأيي صواب يحتمل الخطأ... ورأيك خطأ يحتمل الصواب فلا تتهمني بالهرطقة

صورة أرسلها لي أحد الأصدقاء هو مشاهدة الظهور يوم أمس

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.