التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحقيق حول احداث العامرية من واقع تحقيقات النيابة- شمعي أسعد


تحقيق حول احداث العامرية من واقع تحقيقات النيابة
شمعي أسعد (25 فبراير 2012)

لم يعد ملف الفتنة الطائفية فى يد الجهات الأمنية فقط، بل صار بكل أسف في يد كل مواطن، فتستطيع بنفسك ـ عزيزى المواطن ـ أن تشعل نار الفتنة غدا فى مكان إقامتك إذا أردت ان تبتز مواطن عزيز آخر ولم يستجب لابتزازك، لا تخطط للأمر بدقة دع ذلك للإعلام وثقتك فى أن الناس من حولك مستعدون دائما لالتقاط الخيط، وكن مطمئنا أن ما خططت له لن يعرفه أحد غيرك وإن عرفوه سوف يتجهالونه لأن الخبر كما ستنشره وسائل الإعلام سوف يروق لهم أكثر.

تبدأ أزمة العامرية بداية مختلفة هذه المرة ـ حسب ما جاء على لسان العقيد محمد هندى وكيل المباحث بقطاع غرب الاسكندرية فى محضر تحقيقات النيابة ـ  حيث يذهب محمود طعيمة الذى يعمل حلاق إلى محل جاره الترزى مراد سامى، يعبث محمود بموبايل مراد دون علمه مستغلا إنشغال مراد فى أمر ما لدقائق، يجد محمود صور فتيات شبه عرايا على موبايل مراد، ليبدا بعدها خطة ابتزاز مراد إذ طلب منه مبلغا من المال مهددا إياه إن لم يعطه ما طلبه سوف يشهر به فى القرية ويذيع بين أهل القرية أن مراد يقوم بتصوير المسلمات فى غرفة تغيير الملابس، استمر محمود فى مساومة مراد الذى لم يستجب له ورفض أن يعطيه المبلغ الذى طلبه، فما كان من محمود إلا أن نفذ تهديده وروج فى القرية كلها أن مراد يقوم بتصوير المسلمات فى محل الخياطة الخاص به، الأمر الذى أثار حفيظة المسلمين فاتجهوا بعد صلاة العصر وكان يوم جمعة إلى منزل مراد مطالبين عائلته بالرحيل، ولما زاد التجمهر خاف بعض المسيحيين هناك، فقام لويس أبسخيرون مع أخوه عادل بإطلاق أعيرة نارية فى الهواء بهدف تفريق التجمهر أمام منزلهم، مما ترتب على ذلك أن هاج المتجمهرون وراحوا يقذفون بيوت المسيحيين بالحجارة وتطور الأمر إلى إحراق محلاتهم وسرقتها، ويذكر العقيد هندى أسماء من قاموا بوضع النار فى محلات بعض المسيحيين وهم حامد محمد على درويش، وأحمد محمد على، ومسعود حلمى خطاب، عطالله عوض عبد الجليل، ورمضان سعد، وهم من سكان منطقة النهضة بالعامرية، ثم حدث أثناء الإعتداءات أن قم شخص مسلم يدعى نجيب ابو زيد عمر بإطلاق أعيرة نارية بشكل عشوائى فأصابت بعض الاشخاص المسلمين وهم محمد اسماعيل محمود، ومحمد عبد الحميد عبد الحليم، وسلطان عوف، وهم من سكان قرية شربات.
ويأتى فى محضر تحقيقات النيابة سؤال موجه لوكيل المباحث حيث يسأله عن الدافع الذى حدا بمحمود طعيمة من إذاعة تلك الأخبار التى تقول بأن مراد سامى يقوم بتصوير المسلمات فى محله أثناء تغيير ملابسهن فأجاب أن محمود كان يقصد أن يثور المسلمون على مراد ويطردوه خارج القرية (ويعمل فتنة فى البلد) حسب تعبير وكيل المباحث التى وردت فى أقواله أمام النيابة وعن سؤاله عن السبب فى أن يقوم محمود بتلك الأفعال فقال ان ذلك حدث بعد أن ساوم مراد على مبالغ مالية وإلا سيذيع تلك الأخبار عنه.
وعن سؤاله عن مدى صحة تلك الشائعة وهل المدعو مراد سامى يقوم بتصوير النساء اثناء تواجدهن داخل المحل الخاص به، وأثناء تغيير ملابسهن بغير علمهن؟ وما مدى صحة رواية المدعو محمود عبد السلام طعيمة من أن تلك الصورة التى قام بنشرها تخص إمرأة مسلمة؟ أجاب وكيل المباحث أنه جارى تكثيف البحث وبيان عما إذا كانت قد تحصل عليها خلسة من عدمه وأنه (احتمال) أن يكون قد تحصل عليها خلسة نظرا لطبيعة عمله وتردد النساء على المحل خاصته وتبديلهن للثياب أثناء أخذ المقاسات، وأفاد بأنه جارى تكثيف التحريات فى ذلك الشأن. ثم أضاف أنه ترتب على ذلك أن تحصل عليها محمود طعيمة وساوم مراد علي مبالغ مالية وإلا قام بفضحة ثم توالت باقى الأحداث.
ثم يأتى سؤال هام موجه لوكيل المباحث إذ يسأله المحقق: وهل كانت تلك الصورة لمسلمة؟ ليأت الرد المفاجأة: لم تتوصل تحرياتى لذلك.
ثم يسأله سؤال أهم: وهل شاهت تلك الصورة موضوع المشكلة؟ ليجيب: لم اشاهدها بعد ولكن تحرياتى أكدت أنها سبب المشكلة.
ثم يستمر التحقيق كالآتى:
س: ما قصد كلا من لويس أبسخيرون وعادل ابسخيرون من ارتكاب تلك الواقعة وإطلاق النيران من منزلهما
ج: أطلقوا النيران لإرهاب مسلمى القرية ومنعهم من الوصول لمنزلهم
س: ما قصد المدعو وليد سامى جرجس من تحريضهم على إطلاق الأعيرة النارية
ج: هو كان خايف ان الناس تتجمع عند محلاتهم ويحدثوا بها تلفيات
س: وهل كان إطلاقهم النار فى اتجاه تجمع الاهالى من حولهم أم كان ذلك فى الهواء
ج: لم تفد تحرياتى الاولية عن وقوع اصابات فى جانب المسلمين من جراء تلك الأعيرة النارية التى أطلقها سالفو الذكر
وفى موضع آخر يسأل المحقق عن قصد الذين أحرقوا محلات عائلة أبسخيرون ومحلات السبع اندراوس (وهم ليسوا أقرباء مراد المتهم) فيجيب ظابط المباحث أن السبب هو الانتقام من مراد لأنه نشر صورة لسيدة مسلمة، فيسأله وهل تأكد المدعو محمود عبد السلام طعيمة من أن تلك الصورة لمسلمة وأنها أخذت خلسة قبل ان يقوم بإذاعة تلك الأخبار، فيجيب انه لم يكن متاكد وقام بعرضها على أهالى القرية بعدما رفض المدعو مراد سامى تسليمه الفلوس محل المساومة، مما أثار حفيظتهم وجعلتهم (يستنتجوا) أنها لأمرأة مسلمة من أهل القرية، مما تسبب فى اندلاع الأحداث ولا زال البحث جاريأ حول تلك الصورة وعما إذا كانت لأمرأة مسلمة من أهالى القرية من عدمه.
وهكذا يدور التحقيق ليثبت أن محمود عبد السلام طعيمة أراد إبتزاز مراد سامى جرجس ومساومته على صورة لم يثبت يقينا أنها لأمراة من القرية، وأنهم مجرد (استنتجوا) أنها لأمرأة مسلمة، وأن محمود طعيمة أراد الانتقام من مراد فاستخدم سلاح الفتنة الطائفية لينتقم من جاره الذى رفض اعطائه مبالغ نقدية بلا وجه حق، فتسبب عن عمد فى إحداث فتنة وبلبلة فى قريته، ثم يخبرنا ظابط المباحث نفسه انه لم ير الصورة وأنه جارى التحرى عنها.
يذكر أن من سرقوا منازل جيرانهم المسيحيين وحرقوها معروفون بأسمائهم ومذكورون فى التحقيق، ولم يقدموا حتى الآن للتحقيق معهم، وتحجج الجميع ودافع عنهم بأنهم لم يكونوا ليفعلوا لولا أن أطلق ابناء ابسخيرون أعيرة نارية رغم اعتراف المنصفين من أهل القرية المسلمين أن ذلك كان دفاعا شرعيا عن النفس فضلا عن كونها طلقات فى الهواء لم توجه لشخص ولم تصيب أحد.
أما الطريف فى الموضوع أن كلا من محمود طعيمة ومراد سامى كانت أقوالهما متطابقة رغم أنهما خصمان وفى نفس الوقت مخالفة ومتناقضة تماما مع أقوال ظابط المباحث، حيث قالا كل على حدة فى التحقيق معهما أن الخلاف بدا بسبب مقطع فيديو جنسى تم تحميله من الانترنت وكان بالمقطع شاب يشبه مراد.
وعلى خلفية كل هذا وبجانب كون الابتزاز هو السبب الرئيسى لاندلاع تلك الأحداث، إلا أنه يأتى معه أيضا أصحاب المصالح الذين لعبوا دورا هاما خلف الستار، وهو الأمر الذى أكده بعض الكبار فى القرية وأكده أيضا بعض الشهود، أن هناك من كان يطمع فى محلات المقدس أبسخيرون وأرادها له فكان له دور هام فى التحريض وقد كان، وهذا يفسر لماذا تجمهر عدد كبير من الشباب الغاضب أمام منزل أبسخيرون مما دفع أبناءه لإطلاق أعيرة فى الهواء بهدف تفريقهم، بجانب من تجمهر أمام منزل مراد.
يقول ممدوح عزمى محامى المتهم ملخصا موقفه من الجلسة العرفية التى حكمت بإدانة مراد بدون أن تستمع له:
  • كل متهم برئ ما لم تثبت إدانته فى محاكمة عادلة يكفل له فيها القانون حق الدفاع عن نفسه وأن يوكل محامياً فى ذلك فالمحاكمات لا تستقيم إلا إذا كان هناك قضاء واقف أى مدافع عن المتهم وقضاء جالس وهو من يفصل فى الدعوى بالإضافة إلى سلطة الاتهام فيحق أن يكون لمراد محامى يدافع عنه، وفى الجلسة العرفية مراد أتهم وحوكم ونفذ فيه الحكم فى لحظة، ودورى إنى أثبت برائته علشان اقول ان المحاكمة العرفية اللى اعدمتوا فيها هذه الاسرة كانت محاكمة باطلة.
سألته عن رايه القانونى من مطالعته لأوراق القضية فأجاب ممدوح:
   عند اكتمال مطالعتى للأوراق وجدت أنها قضية تخلوا من ثمة دليل واحد يؤكد ارتكاب مراد للجريمة التى وجهت له وهى نشر أكاذيب (وليس وجود علاقة فعلية) بهدف إحداث الفتنة بل على العكس أجد أن مراد ليس جانيا بل مجنى عليه خصوصا وأن محاضر جمع الاستدلالات ومحاضر التحريات وعلى فرض صحة ما سطر بها أن محمود طعيمة أخذ مادة فيلمية أو صور خلسة من محمول مراد وهو الذى قام بالنشر، إضافة لذلك لم يقم الدليل القاطع الدامغ على وجود أية علاقات نسائية بين مراد وأى امرأه من القرية. كما أن القضاء الجنائى يبنى على القطع واليقين وليس الشك والتخمين، كما نجد أن محاضر التحريات جاءت جميعها تدور فى فلك الشكوك والاحتمالات بعيده كل البعد عن اليقين، والمبدأ القانونى الشهير يقول بان الشك يفسر لمصلحة المتهم حيث أن الأصل فى الانسان البراءة  فمجرد الشكوك لا ترتقى إلى مرتبة الدليل الدامغ.
ثم يستطرد ممدوح عزمى:
ومن الأسباب أيضا التى تجعلنى مؤمنا ببراءة مراد أن القضية كانت وليدة شائعة بوجود مقطع فيديو أو صور لإحدى المسلمات بالقرية برفقة مراد، إلا أن بفض الأحراز تبين أنه لا توجد أية مقاطع فيديو على جهازى المحمول الخاصين بمراد، هذا عن ما يتعلق بمراد كبطل للقضية الجوفاء التى هى بلا دليل ولكن هناك جانب آخر يجب أن نتعرض له، هذا الجانب هو المخلفات التى خلفتها هذه الإثارة التى أدت لاشتعال نار الفتنة وفقاً للشائعة التى بدت وانطلقت كالنار فى الهشيم وقد أدى ذلك الى اشتعال النيران وتكرار أعمال السلب والنهب لعدد من المنازل الخاصة ببعض الأقباط أصحاب الحيثية بالمنطقة، والعجيب فى الأمر أن التحريات ذكرت أسماء خمسة أشخاص توصلت التحريات إلى أنهم من قاموا بأعمال الحرق العمدى والسلب والنهب وحتى الآن لم يقم رجال الشرطة بالقبض عليهم.
وقد نتج عن هذه الأحداث جلسة عرفية لن أتطرق لها فى معرض حديثى ففط أشير إلى أن هذه الجلسة قد قررت بتهجير ثمانى أسر مسيحية من القرية وكان الاتهام قد ولد وتمت المحاكمة وتم القضاء فورا وليس القضاء على مراد فقط على فرض جدلى لا أسلم به أنه مدان بل تعداه إلى أسر أخرى ليس لها ناقة ولاجمل كل ما اقترفوه أنهم حاولوا التصدى لمن يشرع فى الاعتداء عليهم وكأن العقاب أصبح جماعى وهذا يخالف مبدأ شخصية الجريمة وشخصية العقوبة.
وكان يجب أن يشمل حكم الجلسات العرفية شخص وأسرة محمود الذى أشعل نار الفتنة إلا أن الغريب فى الأمر أن محمود عاد إلى القرية واستقبل استقبال الفاتحين.
ثم يكمل ممدوح:
ليس آل أبو سليمان فقط بل أسرة سمير وجرجس رشاد وآخرون هم السبع اندراوس وأخيه ليسوا هؤلاء هم فقط بل أيضاً بيت  من أشيع عنه أنه مفجر هذه الأزمة أعنى بذلك مراد سامي جرجس وبالقطع تم تهجير كل هذه الأسر وخاصة أسرة مراد وأسرة أبو سليمان وحرر قرار التهجير هذا وفقاً لجلسة عرفية مدونة في محضر اسميه محضر العار للعديد من السباب:
السبب الأول: رأيت أنه من العار العودة  لقانون الغاب وإضفاء الشرعية على الجلسات العرفية التي تخفى الحقائق وتذهب بالحقوق إلى ما وراء اللا مرئيات.
السبب الثاني: إن هذه الجلسات يتم القضاء فيها وفقاً للأهواء الشخصية والعصبيات الاجتماعية وكأن الأطراف لم يصبحوا على قدم المساواة.
السبب الثالث: أننى رأيت في هذه الجلسات العرفية تنصيب الخصم حكماً وهذا إهدار لمبادئ العدالة التي يجب أن تكون عمياء محايدة لا ترى إلا الحق.
السبب الرابع: هو تواجد أحد أعضاء المجلس الملي السكندري ضمن هذه الجلسة العرفية التي غاب فيها القانون وقيامه بالتوقيع على محضر العار. وكأن  كل ما نادي به النشطاء الاقباط على مدار الأعوام الكثيرة الماضية قد راح هباء.
ويرى ممدوح عزمى أن الحل الذى طرحته الجلسة العرفية جاء منقوصاً لأنها لم تراعى المبادئ القانونية وأبسطها المساواة بين الأطراف فقد استمعت لجميع الأطراف عدا أسرة مراد وكأن مراد وأسرته ووالده الذي بلغ من الكبر الكثير ليسوا محط اهتمام الأعضاء الأجلاء.
جاء الحل منقوصاً حيث رأيت أننى أمام جلسة عرفية ثانية وإن كانت رفيعة المستوى فهي تتضمن العديد من أصحاب الحصانات ولقد أضفيت عليها لفظ العرفية لأنها أيضاً قد جاءت لتفعل القانون إلا أنها  ضربت بالقانون عرض الحائط وسلمت  بمبدأ العقاب الجماعي والتهجير، فعلى الرغم من إقرارهم عودة أبو سليمان إلا أنهم أيضا اقروا استبعاد مراد  وأسرته.

شمعى اسعد
 روز اليوسف
2012-02-25

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.