التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا تحتاج الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إلى وثيقة "بنود إيمان"

ما الذي أعنيه بـ"وثيقة بنود الإيمان"؟
بنود الإيمان هي صياغات محددة واضحة وغير قابلة للجدل أو الإلتباس لكل المعتقدات التي تؤمن بها الكنيسة. وهي  لا تشمل فقط البنود العقائدية مثل تلك التي إشتملها قانون إيمان نيقية لكنها تشمل موقف الكنيسة الرسمي من الأمور اللاهوتية-الإجتماعية، واللاهوتية-السياسية وغيرها.
مثال على ذلك ما نجده في وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني للكنيسة الكاثوليكية، فنرى وثيقة عن الليتورجيا المقدسة Sacrosanctum Concilium، وثيقة عن دستور الكنيسة العقائدي Lumen gentium، ووثيقة لدستور عقائدي عن الوحي الإلهي Dei Verbum، .... إلخ وغيرها من الوثائق.[1]

كل الكنائس سواء الكاثوليكية، الكنائس المصلحة، وحتى كنيسة المورمون (والتي لا يجب إعتبارها طائفة مسيحية) لديهم ما يسمى ببنود الإيمان والتي تحدد ما الذي تؤمن به هذه الكنائس تحديدًا (لاحظ أن الكنائس الكاثوليكية والأنجليكانية والبروتستانتية كلها تؤمن بقانون إيمان نيقية). وهذه البنود تضعها مجامع ربما تستمر عدة سنوات في الإنعقاد (مثل المجمع الفاتيكاني) وتتكون من رجال إكليروس وعلماء لاهوت وإجتماع وغيرهم.

هل من فائدة لوثيقة بنود الإيمان؟
بنود الإيمان هي التي تحدد المعتقدات والمواقف الرسمية للكنيسة، وهي التي تحدد الخط الذي إذا تجاوزه أحدهم فهو قد خرج خارج نطاق تلك الكنيسة.

موقف الكنيسة القبطية الإرثوذكسية
للأسف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليس لديها بنود إيمان معتمدة وموثقة ومكتوبة. وبالتالي فهي تجد صعوبة بالغة في أحتواء مشكلات تنشب في إطار الأمور اللاهوتية، على سبيل المثال لو لدى الكنيسة بنود إيمان رسمية فمشكلات مثل التي حدثت مع الأب متى المسكين ود. جورج حبيب بباوي وغيرهم كان بالإمكان حلها بسهولة بل ربما تفادي حدوثها من الأساس لو أن هناك بنود إيمان واضحة ومحددة للكنيسة نحتكم إليها.
أمور لاهوتية وكتابية وليتورجية كثيرة في الكنيسة خاضعة للإجتهاد والحكم الشخصي، وهناك اراء متباينة، والموقف الذي يعتبره البعض موقفًا رسميًا هو ذلك الموقف الذي يصدر عن أي أسقف، برغم أن مواقف بعض الأساقفة تتباين وتختلف أيضًا في بعض الأمور.
هناك تحديات راهنة تحتاج منا أن تكون لكنيستنا وثيقة بنود إيمان. موقف الكنيسة على سبيل المثال من نظرية المصادر، نظريات التطور ونشأة الكون، بل أمور أبسط من ذلك: هل يمكن للمرأة الطامث أن تذهب للتناول؟ وغيرها من الأمور.
هناك بعض رجال الإكليروس دائمًا ما يرددون أننا في إيماننا نعود للأباء الأوليين، لكن المشكلة أن الأباء الأوليين أختلفوا فيما بينهم في أمور عدة، وهناك أمور ظهرت إلى الوجود لم تكن موجودة في عصور الأباء.

ما الذي نحتاجه الآن؟!
ما نحتاجه الآن هو مجمع يجمع بين رأس الكنيسة الأب البطريرك، ورجال الإكليروس المتخصصون في الأمور اللاهوتية والكتابية وغيرها، والعلمانيين المتخصصين في الدراسات اللاهوتية، وعلماء إجتماع وأنثروبولوجيا وفيزياء وأطباء  وغيرهم، وشباب الباحثين اللاهوتيين من أجل وضع وثيقة بنود إيمان للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.



[1]  يمكن الإطلاع على هذه الوثائق باللغة العربية على

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.