بعد انتهاء الحرب العالمية التانية، صاغ
لاهوت الماني شاب اسمه يورجين مولتمان ما يُعرف بلاهوت الرجاء او لاهوت ما بعد اوشفيتز.
واوشفيتنز دي كانت كامب اعتقال عمله النازيين لقتل وحرق اليهود، وكانت في بولندا
وراح ضحيتها لوحدها اكتر من مليون بني آدم.
لاهوت ما بعد اوشفيتز كان بيحاول يجيب عن
التساؤل اللاهوتي الأهم بعد الحرب العالمية التانية: "ازاي نقدر نتكلم عن
الله في ضوء ماساة مروعة مات فيها اكتر من 60 مليون إنسان – تخيل
الرقم 60 مليون انسان- ازاي ناس فقدت اطفالها وعائلتها بالكامل او اطفال فقدوا كل
حد ممكن يكونوا يعرفوه، او الناس اللي مرت برعب النازية واتشوهت تقدر تتكلم عن
الله! اين الله؟! لاهوت ما بعد اوشفيتز كان بيحاول يجاوب ده.
وفي سنة 1994 حصلت مأساة مروعة أخرى في
رواندا راح ضحيتها مليون روندي في مائة يوم فقط، يعني 10 الاف انسان في اليوم
من التوتسي والبواتا على ايد مجموعات من الهوتو، بالاضافة ل2 مليون تانيين جرى
تشتيتهم من بيوتهم واصبحوا لاجئين في دول مجاورة.
مأساة التطهير العرقي اللي حصلت للتوتسي
مكنتش على ايد الحكومة زي النازية لكن كانت قرى الهوتو بأكلمها بتخرج تبيد التوتسي
في القرى بتاعتهم. مكنش مجرد قتل لكن كان بيتم قتل الاطفال بوحشية وتحطيم رؤسهم،
كان بيتم حرق الناس أحياء، لدرجة انه تم اطلاق سراح المجرمين المصابين بالايدز علشان
يروحوا يغتصبوا نساء التوتسي ويصيبوهم بالايدز. وبيقدر عدد الاطفال اللي اتولدوا
مصابين بالايدز جراء الاغتصاب ده اكتر من 10 الاف طفل.
وفي سنة 1996 بعد إنتهاء التطهير العرقي ده،
بدأ يظهر "لاهوت المصالحة" في مواجهة "لاهوت الابادة."
ولاهوت الابادة كان بيشير للدور اللي لعبته الكنيسة في رواندا بالمشاركة في
التطهير العرقي، واعتذر عنه البابا فرانسيس في مارس 2017 وقال انه صحيح انه فيه
راهبات وكهنة ماتوا في الابادة لكن فيه آخرين تلوثت ايديهم بالابادة دي، وطلب
الغفران عن خطايا وفشل الكنيسة واعضائها اللي شاركوا في الكراهية والعنف وخانوا
رسالة الانجيل. لاهوت المصالحة بدأ لما الكنيسة المشيخية EPR في رواندا سنة 1996 اصدرت ما
سمى باعتراف ديتمولد Confession of Detmold.
الاعتراف ده خطير جدًا برغم انه مكون من اربع صفحات فقط لكنه فعلا بيعلن يعني ايه
مصالحة وغفران في مأساة مروعة زي دي. وده مهد للروانديين الطريق اللي يقدروا
يتعايشوا فيه بسلام ومحبة مرة أخرى كهوتو وتوتسي بعد اللي حصل، وادوا نموذج ازاي
معتدى عليهم يقدروا يسمحوا اللي اغتصبوهم وقتلوا اولادهم واهاليهم ويقدموا لبعض
التعايش والغفران والحب.
كل ده بيورينا ايه؟!!.
بيورينا ان اللاهوت ملهوش اي معنى ولا اي
لازمة لو متلاقاش مع عمق احتياج المجتمع اللي بيخاطبه.
المجتمع المصري مر بأزمات وتحولات جذرية في
الفترة الحديثة من يوليو 1952 ولغاية دلوقت. المسيحيين نفسهم مروا بفترات عصيبة
وازمات كبيرة طوال الفترة اللي امتدت لأكتر من اربعين سنة وحتى الان. ومع كده
فشل المسيحيين في مصر انهم يطرحوا لاهوت يخاطب عمق احتياج المجتمع ويقدم اجوبة عن
تساؤلات اي ازمة بتمر بيهم سواء الاقتصادية والاجتماعية او السياسية او حتى
الروحية. وبدل كده اصبح التساؤل اللاهوتي الاعظم امتى المراة تتناول او ان كان
اوريجينوس لابسه شيطان او ايهما اعظم البابا شنودة ام متى المسكين.
ان الكنيسه تحتاج للاهوت النعمه ...في مواجهه لاهوت الخطيه ..
ردحذفالمعتقد الاورثوذكسي يؤمن بأن النعمه تؤخذ بالاسرار ...ومع كونه لم يسقط الممارسه الا انه فقد تماما قوة النعمه وعملها في الانسان ...
واذا عاش الانسان بالنعمه لا تخاف عليه من اي امواج في العالم ولا اي رياح مضاده ..واعتقد ان هذا ما عاشت به كنيستنا لقرون ...
كلام يدعو للتفكير فعلا
ردحذف