التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأخبار السارة؟ هل بدأ قادة ائتلاف الإنجيل في تغيير الإنجيل الذي ينادوا به؟

ماثيو و. بيتس Matthew Bates
استاذ اللاهوت بجامعة كوينسي
ترجمة فادي عاطف ميخائيل

مقدمة المدونة (الناشر)
جاء نشر هذا المقال من قِبَل مدونة "تنوير"، في إطار التعريف بالجدل الدائر حول تعريف وفهم رسالة الإنجيل، وما الذي يقبع في مركزتيها تحديدًا. تُمثل هذه المقالة الرأي الذي عبّرَ عنه ماثيو بيتس Matthew Bates وسكوت ماكنايت Scot McKnight (وغيرهم من اللاهوتيين)؛ فيما يمثل الرأي الآخر جريج جيلبرت Greg Gilbert وباقي لاهوتيو ائتلاف الإنجيل Gospel Coalition ومؤسسة التسع علامات 9Marks، وهو الرأي المُرحب أيضًا بنشره في المدونة في إطار التعريف بالجدل الدائر؛ والذي يهم اللاهوتيين في المقام الأول.

مقدمة المترجم
            لقد آثرت أن يخرج هذا المقال باللغة العربية لأنه يخاطب منشورات هيئة ائتلاف الإنجيل التي بدأت في الظهور باللغة العربية. تقدم هذه الهيئة شرحًا للإنجيل موروثًا من الفهم المُصلح للاهوت في القرن السادس عشر. ومازال الإصرار على أن كل من يقدم شرحًا مختلفًا للإنجيل يعتبر لا يقدم رسالة الإنجيل الحقيقية.
            لقد دأب علماء العهد الجديد على فهم رسالة الإنجيل بشكل أوضح وأنقى مما أتاحته الفرص المحدودة في القرن السادس عشر، ويمكن القول بثقة أن إجماع علماء العهد الجديد اليوم لا يتبنى المفهوم العقابي الذي بثه الإصلاح. ولا أحد يعتقد أن حركة الإصلاح هي نهاية أو قمة البحث اللاهوتي والكتابي لفهم حقائق الله وفداؤه للبشرية. لكن الاتهام هذه المرة كان من نصيب أحد علماء العهد الجديد الشباب، وهو ماثيو بيتس، استاذ اللاهوت بجامعة كوينسي، بولاية إلينوي بالولايات المتحدة، ومعه الأستاذ الكبير لدراسات العهد الجديد سكوت ماكنايت. اتهمهم جريج جيلبرت، قائد من مؤسسة التسع علامات (9Marks)، وله كتابات عديدة بالعربية، بأنهم لا يعلمون بأساسيات الإنجيل الحقيقي.
            إن السؤال هو: تُرى، من الذي لا يعلم بالإنجيل الحقيقي حقًا؟
            نُشِر المقال الأصلي على مدونة مجلة "المسيحية اليوم" Christianity Today، في هذا الرابط:
            وتمت ترجمته بإذن المؤلف والناشر.
نص المقال
هل هذا احراج أم تشجيع؟
من الصعب تقرير حقيقة ما يحدث فيما يخص مؤسسة ائتلاف الإنجيل The Gospel Coalition، ومؤتمرها السنوي "معًا من أجل الإنجيل" Together for the Gospel، ومؤسسة التسع علامات (9Marks). لكن يبدو أن ما يحدث هو محاولة للإحراج.
ما يحاول جون ماكآرثر، جون بايبر، ر. س. سبرول، البرت مولر، وآخرين مرتبطين بمؤتمر "معًا من أجل الإنجيل" ومؤسسة "ائتلاف الإنجيل"، أن يجعلوه قلب رسالة الإنجيل ليس حتى جزء من رسالة الإنجيل الموجودة في الكتاب المقدس. هؤلاء معلمين مرموقين وانا احترمهم جدًا، ولكنهم ليسوا معصومين. ويجب أن اشير إلى أنني لا اختلف معهم في منظورهم العام للخلاص. لكن اختلف معهم حول ترتيباتهم السيئة فيما يخص مركز رسالة الإنجيل، كما يعلمها الكتاب المقدس. وهذه الترتيبات السيئة ظلت تحدث لسنوات.
وقد ظهرت هذه الترتيبات السيئة لمحتويات رسالة الإنجيل بوضوح في عظة جريج جيلبرت في مؤتمر "معًا من أجل الإنجيل" لهذا العام 2020 المُعنْونَة "ما هو الإنجيل وما هو ليس الإنجيل".
تسعى مؤتمرات "معًا من أجل الإنجيل" لتساعد القسوس والكنائس على المناداة بالإنجيل بشكل أفضل. وانا ادعم هذا بكل قلبي. نحتاج بشكل مُلح للمناداة بالإنجيل. وهذا ما احاول القيام به انا ايضًا.
ولكن حتى وإن كان الحق يُنادى به بطريقة محرجة، فإن المتكلمين في مؤتمر معًا من أجل الإنجيل وبعض المصادر التي تنشرها مؤسسة التسع علامات قد فهموا الإطار العام لرسالة الإنجيل وقلب هذه الرسالة بشكل خاطيء.
إن رسالة الإنجيل الكتابية تصل لذروتها بإعلان أن يسوع هو المسيح، أي أنه الرب على الكل: الملك (أع 2: 36؛ 3: 20 - 23؛ 10: 36).
وفي الطريق للوصول لإعلان هذه الملكية، فإن الابن أُرسِل من قِبل الآب تحقيقًا لنبوات العهد القديم، وأخذ جسدًا من نسل داود، ومات موت كفاريًا بَدَلْيًّا من أجل خطايانا على الصليب، ودُفِن، وأُقيِم من الموت، وجلس على العرش عن يمين الآب، ثم أُرسِل الروح (رو 1: 2 - 4؛ 1 كو 15: 3 - 5؛ 2 تي 2: 8). كل هذا هو الخبر السار أن ملكوت الله، الذي أعلنه يسوع، قد بدأ الآن (مر 1: 14 - 15؛ لو 4: 43). لأن الملك الذي تم تجليسه على عرشه يحكم الآن، فإن رسالة الإنجيل يمكن تلخيصها في الكلمات البسيطة: يسوع هو المسيح (أع 5: 42؛ 8: 5؛ 9: 22؛ 17: 3). بناء على هذا، يقوم الروح بتطبيق منافع وفوائد الإنجيل لأولئك الذين يتجاوبون مع الإنجيل بالإيمان؛ أو بما يسميه العهد الجديد في نصه اليوناني Pistis، أي انتماء، أي الولاء المتجسد لحق الإنجيل الحصري في الثقة به. إن الرسالة الأساسية لتعريف الإنجيل هي ما أحرزه الملك لنا بغض النظر عن التجاوب الذي يقوم به أيًا منّا - وهى نقطة يسيء فهمها كل من جون بايبر (في كتابه مستقبل التبرير، ص 86 - 88)، وجيلبرت (انظر كتاب بيتس، الانتماء للإنجيل، ص 104 - 107 لمناقشة هذه الأفكار).
هكذا، فإن غفران الخطايا من خلال الكفارة البدلية هي جزء من تعريف رسالة الإنجيل، ولكن تجاوبك الشخصي مع هذا الغفران ليس جزء من رسالة الإنجيل، بل إنها أحد فوائد الإنجيل. ونفس الأمر ينطبق على التبرير. الكتاب المقدس لا يعلم في أي مكان أن التبرير بالإيمان هو جزء من الإنجيل. بل إن البر مُعلن عنه على أنه احد فوائد الإنجيل (رو 1: 17). أما الإيمان Pistis فهو كيفية تجاوبنا نحن مع إنجيل ملكية يسوع بما يحقق فوائد الإنجيل الخلاصية.
إن فهمنا لهذا الأمر بشكل صحيح يحمل لنا فوائد عملية كثيرة في تلمذتنا للآخرين وحواراتنا المسكونية.
لقد تفاعلت بشكل نقدي مع كتابات وافكار ماكآرثر، بايبر، سبرول، جيلبرت، مات تشالندر، وآخرين فيما يخص الإنجيل، الإيمان، النعمة، والأعمال في كتابين قمت بكتابتهما: الخلاص بالانتماء فقط، والانتماء للإنجيل. وتفاعل آخرون مثل سكوت ماكنايت في كتابه إنجيل يسوع الملك، و ن. ت. رايت في كتابه كيف اصبح الله ملكًا، بطرق مشابهة.
ولكن على الرغم من أن الكتاب المقدس لا يقول ابدًا أن تبريرنا بالإيمان هو جزء من الإنجيل، ناهيك عن أن يكون مركزها، فإن قادة "معًا من أجل الإنجيل" أصروا على هذا الادعاء. يقول سبرول: "التبرير بالإيمان أساسي للإنجيل" (بالإيمان فقط، ص 19، وقارن ما يقوله فيه كتابه فهم الإنجيل بشكل صحيح، ص 100 - 103)، وأصر على هذه الأفكار في عظته في مؤتمر "معًا من أجل الإنجيل" لعام 2006. أما جون ماكآرثر فيقول: "التبرير بالإيمان هو الترس الأساسي لتعليم بولس عن الإنجيل" بل ويدعو التبرير بالإيمان أنه: "جوهر وقلب الإنجيل بحسب بولس" (الإنجيل بحسب بولس، ص 55، 60). بالمثل، يؤكد جون بايبر: "يسرني أن أدعو التبرير قلب الإنجيل" (الله هو الإنجيل، ص 44). والبرت مولر في عظته بمؤتمر معًا من أجل الإنجيل لعام 2016 يقول بكلمات أكثر يقينية: "عقيدة التبرير بالإيمان وحده ليست مجرد واحدة من ضمن العقائد الأخرى. التبرير بالإيمان ليس أحد الطرق المختلفة لوصف الإنجيل. بل إنه هو نفسه الإنجيل".
بل كدليل على أن هذه التصريحات ليست مجرد زلات لسان بل تمثل التعليم المركزي لمؤتمرات "معًا من أجل الإنجيل"، انظر مثلاً كيف أن الإعلان عن المؤتمر لعام 2020 استخدم هذا الجزء المقتبس من البرت مولر للترويج للمؤتمر. وفي نفس الوقت، يؤكد قادة مؤسسة التسع علامات على أن الإنجيل يمكن تلخيصه بدقة في خطوات محددة: الله الخالق يعاقب الخطية، الإنسان خاطئ لذا يستحق العقاب، المسيح مات على الصليب ليتحمل غضب الله بدلاً من كل من يؤمن به، واخيرا تجاوب الإنسان التائب عن خطاياه لينال الخلاص. رغم أن هذا التلخيص للإنجيل يحتوي على حقائق خلاصية بالفعل، ورغم أن التبرير بالإيمان أمر حقيقي بالفعل، لكن الكتاب المقدس لا يصف الإنجيل في جوهره أبدًا بهذه الطريقة. ولا حتى بطريقة قريبة من هذا الوصف.
الإنجيل في الكتاب المقدس هو سردية تحكي كيف تم تجليس يسوع كالملك المخلص.
بهذا نصل لعظة جريج جيلبرت في مؤتمر "معًا من أجل الإنجيل" لهذا العام 2020. تبدو الرغبة في الإحراج حادة في كلام جيلبرت. فهو يبدأ كلامه بشرح مسيء لكلامي وكلام سكوت ماكنايت، ويدّعي بشكل غير حقيقي أن كتبنا "تُطلّق بين قصة ملكية يسوع وحقائق الخلاص الشخصي والغفران والكفارة والتبرير." ماذا؟ حقًا؟ يبدو أن جيلبرت هنا يسعى لتصويرنا بشكل سيء ويجب أن يتراجع عن كلامه هذا.
ولكن كلامه الذي بلا معنى يتزايد بشكل غريب. يدّعي جيلبرت أن كتبنا تقول: "الإنجيل هو أن يسوع ملك وليس أنه يحرز الخلاص لشعبه". لكن هذا كلام منافي للحقيقة. بل على العكس من كلامه، في كتاب الخلاص بالانتماء وحده (صفحات 60 - 63، 129 - 143، 165 - 191، 195 - 213)، وفي كتاب إنجيل الانتماء (صفحات 91 - 94، 211 - 226)، وفي كتاب إنجيل يسوع الملك (صفحات 51 - 53، 87 - 89، 108 - 111)، هناك مقاطع، و في بعض الأحيان فصول طويلة، مخصصة لكيفية أن الصليب، الغفران، الكفارة البدلية، والتغيير للصورة الإلهية، والتبرير، كلها متداخلة مع الإنجيل لأجل خلاصنا الشخصي.
إن كتبنا اصلاً بالكامل تتكلم عن كيف أحرز يسوع الخلاص لشعبه بأن اصبح ملكًا!
هل يمكن أن نعتبر أنفسنا محظوظون أن يصل جيلبرت لهذا الحد من اساءة فهمنا وشرحنا؟ لأنه من يمكن أن يكون أحمق لهذه الدرجة ليظن أن هذا الكلام حقيقي؟
لكن كل هذا يضع جريج جيلبرت،جون ماكآرثر، بايبر، مولر، معًا لأجل الإنجيل، والتسع علامات في حرج. أو على الأقل هذا ما يجب أن يكون. رغم ذلك، فهناك اشارات مشجعة. فبمقارنة جيلبرت اليوم بعشر سنوات مضت، يبدو أنه ينادي اليوم بإنجيل ملكية يسوع بشكل أكبر وأوضح على نحو ملحوظ مما حدث منذ عشرة سنوات (حتى لو صاحب هذا تحقير لمن يدفعون الإنجيل الملكي للأمام).
ففي كتابه الصادر عن مؤسسة التسع علامات، "ما هو الإنجيل؟" (2010)، صرف جيلبرت غالبية كتابه يقدم الإنجيل بطريقة الله الديّان، الإنسان الخاطئ، المسيح المُعاقَب، والاستجابة التائبة، رغم أن هذا ليس هو الإنجيل (يمكن قراءة مقال يقدم تفنيدًا لكتاب جيلبرت هنا  https://thescripturesays.org/2017/12/05/book-review-gilbert-g-what-is-the-gospel-9marks/).
في هذا الكتاب، تكلم جيلبرت عن ملكية يسوع في صفحتين فقط (صفحات 62 - 64)، آلامه (صفحات 64 - 68) والكفارة البدلية، ويدعو الأخيرة أنها "قلب الإنجيل" (ص 68 - 69). ولكن بالانتقال سريعًا لليوم، وبالمقارنة بعشر سنوات مضت، يبدو في عظة جيلبرت لهذا العام 2020 تطور ملحوظ نحو الإنجيل الحقيقي. فالإطار الخاطئ للإنجيل الذي وضعه جيلبرت سابقًا (الله الديّان، الإنسان الخاطئ، المسيح المُعاقب، والاستجابة التائبة) يغيب من كلامه اليوم. في عظته هذه، تحتل ملكية يسوع المكانة الأولى والعظمى بما يظهر كيف توقع العهد القديم مجيء ملك سوف يتألم كمنقذ يمثل الإنسانية. وقرب نهاية عظته، وربما يصدم هذا قادة مؤتمر "معًا من أجل رسالة الإنجيل"، يبدو أنه يشجع الكرازة بإنجيل الملكوت بقوله: "لذا فبكل الوسائل الممكنة، اكرزوا بملكوت الله".
لكن هذه الكرازة تحديدًا هي ما كان يسعى لأجله سكوت ماكنايت، ن. ت. رايت، مايكل جورمان، جوشوا جيب، وانا نفسي، وكل العلماء الذين قالوا مثلنا: الإنجيل يتكلم بشكل اساسي عن كيف تم تجليس يسوع على عرشه كالملك المخلص.
إن قادة هيئة ائتلاف الإنجيل ومؤتمرات معًا من أجل الإنجيل قد اساءوا فهم المركز الحقيقي للإنجيل واطاره الصحيح لسنوات. لقد وضعوا شيئًا آخر كمركز للإنجيل بينما لا يعلم الكتاب المقدس أن هذا جزء من الإنجيل اصلاً.
ويبقى لنا أن ننتظر الآن لنرى هل سيقوم ماكآرثر، بايبر، مولر، جيلبرت، وآخرين، الذين قاموا بوضع التبرير بالإيمان كمركز الإنجيل على حساب ملكية يسوع، بالاعتراف بغلطتهم.
ولكن بغض النظر عن هذا، فإن عظة جيلبرت تخبرنا أن هناك نقلة نوعية بدأت في الحدوث. ونحن شاكرين أن إنجيل يسوع الملك المنتصر يتم تقديمه في مؤتمرات "معًا من أجل الإنجيل" بطريقة لم تحدث في الماضي. واختم كلامي مع بولس قائلاً: " فَمَاذا غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقّ يُنَادَى بِالْمَسِيحِ، وَبِهذَا أَنَا أفْرَحُ" (في 1: 18).
أتمنى أن نسعى جميعًا من أجل الإنجيل الحقيقي، من أجل الكنيسة والعالم. وبالرغم من كل سوء الترتيب الذي حدث سابقًا في عناصر رسالة الإنجيل الحقيقية، لكن يبدو أن هناك تركيز جديد الآن على الإنجيل الكامل لملكية يسوع المخلصة وهذا يستحق أن نحتفي به.
لقد صُلِب... وقام... وجلس عن يمين الآب... حقًا...
ماثيو بيتس، استاذ اللاهوت بجامعة كوينسي
كوينسي، إلينوي، الولايات المتحدة الأمريكية
*** المقال لا يُعبر بالضرورة عن رأي المُدونة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.