التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رابطة حماة الإيمان: تحليل للمبدأ والمحتوى

المبدأ
تكشف الرابطة على موقعها الإلكتروني وتحت عنوان "من نحن" عن الهدف من نشأتها: "...فغرض هذه الرابطة هي بيان فساد معتقداتهم [اي الذين يهاجمون الإيمان] وفضح اغراض هجومهم على الايمان." أما عن المنطلق فهو: " اسم حماة الإيمان مستوحى من نص المقدس القائل : في 1: 7 كما يحق لي ان افتكر هذا من جهة جميعكم لاني حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الإنجيل وتثبيته انتم الذين جميعكم شركائي في النعمة." 
وتستكمل الرابطة في نفس الصفحة عن المنهج: "قد أوضحنا أننا نقوم بالرد الأكاديمي على ما يوجه من شبهات وهجوم على العقيدة والكتاب المقدس والإيمان والكنيسة .. الخ وفي ردنا هذا نقتبس ونسير على طريق حماة الإيمان الذين اعتبرهم التاريخ والكنيسة حماة حقيقيين للإيمان من أبائنا المدافعين والبطاركة والقديسين ونحاول ان ننفذ تعاليمهم بطريقة عصرية." وفي مقدمة الصفحة وباللون الأخضر نقرأ: "مجموعه من الشباب الدارسين اكاديميا تجمعنا بغرض الرد على اي شبهه او اتهام يوجة للعقيدة المسيحية او الكنيسة القبطية بكل محبة ونقاش علمي اكاديمي."
في هذا المقال لن أناقش إسم الرابطة، الذي يسئ إلى الإيمان قبل كل شئ، لكن سأناقش أمورًا أخرى أكثر أهمية تكشف خطورة مثل هذه الأفكار والمجموعات التي تدعي حماية الإيمان.

الأكاديمية
الملاحظ أنه خلال صفحة التعريف تكررت كلمات مثل "أكاديمي/ علمي/ أكاديميًا/ دارسين"، وهو أمر يطرح خياران لا ثالث لهما: أما الجهل بمعانى كلمات أكاديمي/دارس/علمي، وهو في حقيقته ليس كذلك.

ما يوجد بالموقع من مقالات لا يمكن تصنيفه علمًا –أي علم وليس العلوم اللاهوتية فقط- والنماذج كثيرة. في أحد المقالات والتي تحمل عنوان "زرادشت والسوبر نوفا يقدمان دليل على صحة نجم المشرق"، وبغض النظر عن العنوان الهزلي، إلا أن كاتبة المقال تقول فيه:
أن زرادشت :" تنبأ في كتابه الأقدس  وقال (في أخر الزمان بكرا تحبل بجنين من غير ما يمسها رجل وعند ولادته يظهر كوكب يضئ بالنهار وتري في وسطه صبية عذراء) .. وقال في كتابه أيضا (سيولد في فلسطين مولود أصله في السماء وسيتعبد له أكثر العالم وآيه ظهوره أنكم ترون نجما غريبا وهو يهديكم إلي حيث هو فأحملوا ذهبا ولبانا ومرا وأنطلقوا إليه ولاطفوه بها لئلا يأتيكم بلاءاً عظيماً.)"
في هذا الجزء تكشف كاتبة المقال عن عدم إلمام بالزرادشتية وعن عدم تحري الدقة فيما يتم نقله وكتابته (وهي بالمناسبة لا تذكر في اي موضع من الكتب الزرادشتية ذكرت هذه النبؤات). الزرادشتية لا يوجد بها ما يسمى بـ(الكتاب الأقدس)[1] بل الكتاب الأقدس هو الكتاب المقدس الخاصة بالبهائيين، الكتب الزرادشتية المقدسة تشمل الأفستا والدنكارد وغيرها. وهذه النبؤات العبثية المذكورة ليس لها وجود في النصوص الزرادشتية.[2]

مقال آخر لذات الكاتبة يحمل عنوان: "الكنيسة البروتستانتية ( كوكتيل ) من الهرطقات"، تقول فيه:
 أن البروتستانت "يتبعون سابليوس الهرطوقي وينكرون ان الله مثلث الاقانيم لذلك لايرشمون الصليب" ثم تضيف: "يتبعون نسطور الهرطوقي فينادون بأن من ولد من العذراء يسوع الانسان لذلك لا يلقبونها بوالدة الإله"، وتختم بهذه العبارة: "يتبعون بيلاجيوس الهرطوقي الذي انكر ان خطية ادم امتد اثرها الي ذريته بالوراثه لذلك هم لا يعمدون الاطفال وبذلك يخالفون مجمع قرطجانه الثاني ."
هذا الجزء هو إما إستمرار لنفس الحالة: عدم إلمام بالأمور وتهاون في الدقة، بل وإساءة لطوائف أخرى مسيحية تشترك معنا في قانون الإيمان ومجالس الكنائس. يبدو أنها لم تقرأ حرفًا لكاتب بروتستانتي عن لاهوت المسيح والثالوث، ويبدو أنها لا تعرف أن كتاب اللاهوت النظامي لجيمس أنس (والذي بالطبع يشتمل على فصول عن الثالوث ولاهوت المسيح) كان في يوم من الأيام يتم تدريسه في الكلية الإكلريكية، يبدو أيضًا أنها لا تعرف أن كتاب "الإيمان بالثالوث" الذي يباع في كافة المكتبات الإرثوذكسية مؤلفه توماس ف. تورانس هو كاتب بروتستانتي. يضاف إليهم مجموعة من الكتاب البروتستانت المعروفين والذين يستخدمهم نيافة الأنبا بيشوي (الرجل الأول في العقيدة في الكنيسة الارذوكسية) دائمًا كمراجع له في كتاباته عن الكريستولوجيا والثالوث وغيرها مثل فيليب شاف، جيه. ان. كيلي، وغيرهم. أما عن الكتابات العربية فيبدو أنها لم تسمع بكتب مثل "يسوع المسيح من هو؟" (القس رضا عدلي/دار الثقافة)، "ميلاد وطفولة إبن الله" (إليان كوفيليه/دار الثقافة)، "من هو المسيح؟" (القس حمدي عوض/دار الثقافة)، وغيرها من مئات الإصدارات التي تحمل ذات العنوانين وذات المحتوى عن الثالوث وعن لاهوت المسيح. 

التعبير الأكثر غرابة الذي أوردته الكاتبة أن البروتستانت يتبعون بلاجيوس إذ ينكرون الخطية الأصلية، والغرابة في الأمر أن عقيدة وراثة الخطية الأصلية (والتي أسس لها أغسطينوس على خلاف وجهة النظر السكندرية التي تبناها اثناسيوس ومن هم قبله وبعده أن الوراثة هي للطبيعة الفاسدة وليس للخطية بذاتها وهي الفكرة التي يبدو أنها لا تُعجب الكاتبة التي تدعي الارثوذكسية) هي عقيدة محورية جدًا وأساسية جدًا بالنسبة للفكر البروتستانتي إذ إنها تؤسس لعقائد أخرى مثل الفساد الكلي للإنسان والإختيار المسبق وغيرها (راجع كتب مثل: "الاختيار" ليوسف رياض/مكتبة الأخوة؛  "بماذا يؤمن الإنجيليون: الجزء الثاني" لواين جرودم/إيجلز؛ "الإيمان المسلم مرة للقديسين: إقرار إيمان كنيسة المثال المسيحي" لإبراهيم حنا/المجمع العام لكنائس المثال المسيحي ؛ "إقرار الايمان الإنجيلي للكنيسة الانجيلية المشيخية بمصر"  الناشر مجلس العمل الرعوي والكرازي سنة 2007)
يضاف إلى ذلك أن نيافة الأنبا بيشوي قام بعمل إتفاقات مع الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأنجليكانية حول طبيعة المسيح وأمور أخرى وهي منشورة على موقعه على الانترنت

أكتفي بما عرضت من مقالات فتقر لأدنى معايير الدقة والمهنية لهذه الكاتبة.
عدة مقالات أخرى لكاتب مختلف يتحدث فيها عن "التقليد الرسولي"، وهو في مقالاته لا يتحرى الدقة فيما يكتبه عن معنى التقليد الرسولي، ويغيب عنه كليًا الفرق بين "التقليد الرسولي" كإقرار للإيمان وبين الممارسات الكنسية وتطورها، فيقول في مقال بعنوان "الرد على موضوع التقليد الرسولى ورفض الاخوة الاحباء البروتستانت له": "المسيح شرح كل الامور الخاصة بالكنيسة وطقوسها والخدمة... وهنا اربعين يوم من التعليم لم يكتبوا فهل ضاعوا ؟مثلا المسيح قال لرسله عمدوهم ولم يذكر الانجيل كيف يعمدودهم وقال عن التناول اصنعوا هذا ولم يذكر الانجيل كيف يصنعوه اليكم ايات تثبت التقليد." وخلاصة مقالاته حول نفس الموضوع أن "الطقس" و"الممارسة" تم تسليمها بواسطة الرب يسوع.
إيريناوس الملقب أبو التقليد يقول في كتابه الكرازة الرسولية (1. 3): "إذن ما الذي يخبرنا عنه الإيمان كما سُلم لنا من الشيوخ تلاميذ الرسل. فإن الإيمان أول كل شئ يحثنا أن نتذكر أننا قبلنا المعمودية باسم الله الآب ويسوع المسيح ابن الله، الذي تجسد وصلب وقام، وروح الله القدوس، لغفران خطايانا،... إلخ"؛ وهو يكرر نفس الكلام في عدة مواضع من كتابيه الكرازة الرسولية وضد الهرطقات: "«فإن الكنيسة قد إستلمت هذه الكرازة  وهذا الايمان، ... فرغم ان لغات العالم غير متماثلة، إلا ان مضمون التقليد واحد وهو هو نفسه» (ضد الهرطقات 1. 10. 2)؛ «الكنيسة رغم إنتشارها في العالم كله حتى الي اقاصي الارض، قد استلمت من الرسل وتلاميذهم هذا الايمان ....» (ضد الهرطقات 1. 10. 1) ... إلخ

بالنسبة لإيريناوس فالتقليد هو الإيمان المستلم (وهو الأمر الذي كرره كيرلس السكندري في مواجهته مع نسطور واثناسيوس في مواجهته مع الاريوسية)؛ لا الممارسة. الممارسة الطقسية أمر آخر إختلف من كنيسة لكنيسة، من اورشليم للإسكندرية لأرمينيا للقسطنطية لبيزنطة، وهذه الممارسات نشأت بسيطة جدًا ثم تطورت عبر العصور بحسب ثقافة وظروف كل شعب ومنطقة (للمزيد عن تطور الليتورجيات والممارسات الطقسية راجع سلسلة كتب القمص أثناسيوس المقاري حيث يفرد كتابًا منفصل لكل عيد وكل ممارسة طقسية وطريقة وكيفية تطورها عبر العصور)، والمثال الأكبر على هذا التطور هو أن الإسرار الكنسية المقدسة لم تكن محددة بالرقم سبعة حتى حددها أسقف باريس الكاثوليكي بطرس لمبارد سنة 1151م (راج كتاب بطرس لمبارد Book of Sentences، الجزء الرابع)[3]، ثم إنتقل العدد سبعة إلى مصر عام 1564م (راج مخطوط نزهة النفوس).

كاتب آخر على الموقع يكتب مقال بعنوان: "اندراوس ابن اسكندر ابن يوآب ابن صروية"، في إستهزاء واضح بالكاهن وبالعهد القديم، وهو يجرد ابونا اندراوس من رتبته الكهنوتية بينما كان القرار الكنسي هو فقط إيقافه لحين التحقيق معه، لكن الكاتب يتخذ قرار التجريد ويستبق قرار المجمع، دون أي إحترام للكهنوت أو الكاهن الذي لازال كاهنًا حتى هذه اللحظة. كاتب مثل هذا لم يتجاوز فقط دوره ويلعب دور المجمع المقدس لكنه أيضًا لا يعرف كيف تعامل القديس كيرلس السكندري مع نسطور، نقرأ في رسالة كيرلس الرابعة الي نسطور: " كيرلس يهدي تحياته في الرب إلى الموقر جداً والمحب جداً لله الشريك في الخدمة نسطوريوس... وسوف أذكرك الآن، كأخ في الرب، أن تكرز بكلمة التعليم، وبعقيدة الايمان للشعب بكل حذر."، وفي الرسالة الأخيرة التي ارسلها كيرلس (لاحظ انها ارسلت بعد ان كان نسطور قد تمسك بتعليمه واصر عليه وكان على كيرلس ان يكون حاسمًا مع مثل هذا الهرطوقي المصر على تضليل الكنيسة) وهي الرسالة رقم 17 (والتي يعلن فيها القديس كيرلس عن حرومه ضد نسطور)، يقول: " كيرلس والمجمع المنعقد في الاسكندرية من كل إقليم مصر يهدون تحياتهم في الرب إلى الموقر جداً والمحب لله جداً الشريك في الخدمة نسطوريوس."

 مقال آخر لنفس الكاتب بعنوان: "الخطية الأصلية عند القديس أثناسيوس الرسولي من واقع نصوص كتاباته" يحاول فيه الكاتب الإستشهاد بكتابات لأثناسيوس الرسولي كي يبرهن أننا قد توراثنا الخطية الأصلية (الفكر الأغسطيني/الكالفيني) وليس فقط الطبيعة الفاسدة والموت الناشئ عن الخطية (الفكر السكندري الأثناسيوسي)؛ جميع الإستشهادات التي أتى بها الكاتب تتحدث عن الموت/اللعنة/ فساد الإنسان/ حكم الموت ... إلخ وكل هذه هي نتائج الإنفصال عن الله والسقوط، ولا تحمل شيئًا يحوي أن الخطية هي كيان يتوارث (مثل الفكر الاغسطيني/الكالفيني). يشرح أثناسيوس الرسولي هدف التجسد : "...إذن ساد الموت أكثر وعمَّ الفساد على البشر، وبالتالي كان الجنس البشري سائراً نحو الهلاك هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الإنسان العاقل والمخلوق على صورة الله آخذاً في التلاشي" (تجسد الكلمة 6/1)، "إذاً فما هو الذى كان ممكناً أن يفعله الله؟ وماذا كان أن يتم سوى تجديد الخليقة التي وُجِدَت على صورة الله مرة أخرى، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرة أخرى ؟ ولكن كيف كان ممكناً لهذا الأمر أن يحدث إلا بحضور نفس صورة الله –مخلصنا يسوع المسيح؟... ولهذا أتى كلمة الله بذاته  كي يستطيع- وهو صورة الآب أن يُجدّد خلقة الإنسان على مثال صورة الله" . (تجسد الكلمة 13/7).
لا يرد مصطلح " الخطية الأصلية" أو "الجدية " فى الكتاب المقدس مطلقاً. أول من استخدم هذا التعريف كان  أغسطينوس (الذى  يبدو انه استقاه من ترتليان)، ويضع اغسطينوس هذه الفكرة فى صدر تعليمه اللاهوتى فى مواجهة بلاجيوس.[4]
كاتب آخر كتب مقالاً بعنوان "المرأة والدم" يناقش فيه جورج حبيب بباوي وفكرة هل يحق للمرأة التي تنزف دمًا أن تتقدم للتناول من الاسرار؛ أكتفي فقط برابط لمقال يناقش الفكرة ويفندها

ختام
في الواقع أكتفي بهذا القدر من المقالات التي تقدمها هذه الرابطة التي تدعي الأكاديمية والعلمية وغيرها. ويلاحظ القارئ أنني لم اضع رابطًا للمقالات ولا ذكرت أسماء كتابها. أعتقد أنه على قيادات الكنيسة (المتمثلة في قداسة البابا الأنبا تواضروس، والمجمع المقدس) مراجعة ما يكتبه هؤلاء إذ هو يسئ للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأن يتولى من هم في موضع معلمي الكنيسة ومدرسوها سواء في الاكلريكية او معهد الدراسات او غيره مناقشة ما قد يتم طرحه إذا الارثوذكسية والمسيحية بدل من ان نترك الرد وإدعاء "حماية الإيمان" بمثل هذه الطريقة.
وأتمنى أن تراجع الرابطة أهدافها وتراجع ما تنشره من مقالات وموضوعات.



[1]  راجع موسوعة الويكبيديا أو
Mary Boyce, Zoroastrians: Their Religious Beliefs and Practices, London: Routledge 1979
أو دائرة المعارف الإيرانية
[2]  كل الكتابات المقدسة الزرادشتية منشورة بالإنجليزية على http://www.avesta.org/
[4] Henri Blocher, Original Sin: Illuminating the Riddle, IVP Academic, 2001; Tatha Wiley,  Original Sin: Origins, Developments, Contemporary Meanings, Paulist Press 2002; F.L.Cross and E. A. Livingstone, The Oxford Dictionary of the Christian Church, Oxford University Press 2005

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

هل كان المسيحيون الأوائل أكثر إيمانًا وقداسة منا اليوم؟

  عزيزي، أنت تؤمن أن مسيحيو الماضي قد وُهبُوا إيمانًا وقداسة فائقين، فقد عَبَرْوا من بوتقةِ الاضطهاد العنيف والالام التي تتجاوز عتبة التحمل لمن هم في العصر الحديث. كما أنك تؤمن أن القديسين والشهداء الأوائل، ونُساك الصحراء هم نموذج لا يُمكن لنا نحن المؤمنين المعاصرين تحقيقه. ها أنت تأبى أن تترك حنين الماضي، أو أن تُقْدِمُ على الفحصِ المتأني للمشهد الإيماني المعاصر، حتى تكتشف ذلك النسيج المعقد للحاضر، الذي يتحدى هذه المقارنات السهلة.