التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سوط المسيح وتطهير الهيكل


تعليق على فيديو "سوط المسيح" والمنشور على صفحة مبادرة أليثيا بتاريخ27 ابريل 2020

ما جاء في الفيديو بخصوص تطهير المسيح للهيكل
1. الفيديو اعتمد على نص يو2: 15 دون الأناجيل الازائية
2. النسخة الأقدم من إنجيل يوحنا تضع كلمة "مثل أو شبه" قبل كلمة "سوط." يذكر الفيديو برديات أرقام 66 و75
3. حرمان استخدام السلاح داخل الهيكل أو يعرقل حركة التجارة في الهيكل.. بيلاطس خلط دماء الجليليين بذبائحهم لأنهم عرقلوا التجارة داخل الهيكل.
4. اليهود تقبلوا ما فعله المسيح وهذا أمر مستغرب. وسألوه: أية آية ترينا
5. تفسير الكنيسة للحدث بهذه الطريقة التفسيرية الكريستولوجية موجود من القرن الأول
6. تفسير اوريجينوس، تفسير يوحنا ذهبي الفم

 التعليق
النصوص متى 21: 12-17؛ مر 11: 15-18؛ لو 19: 45-48؛ يو 2: 12-17.
1. تضع الأناجيل الإزائية الحدث مباشرة بعد دخول المسيح أورشليم. في حين لا يلتزم يوحنا بالترتيب التاريخي للحدث، لذا يأتي سؤال اليهود والمذكور في يوحنا فقط "أية آية تُرينا" في غير موضعه بعد الحدث. بينما الأناجيل الإزائية تختتم الحدث بقول المسيح "و قال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى و انتم جعلتموه مغارة لصوص" وتذكر التلاميذ المكتوب "غيرة بيتك أكلتني."

2. جميع النُسخ النقدية للكتاب المُقدس (NA28، UBS5، وحتى النص البيزنطي الصادر 2005) تضع كلمة "ك/مثل ὡς" في الهامش كأحد القراءات المُحتملة لكن المُرجح أنها غير أصلية في النص. وتضع كلمة "سوط φραγέλλιον" بعد الفعل "صنع ποιήσας ." القراءة الأقدم ليست دائمًا هي القراءة الأدق، هذه ليست قاعدة ثابتة في النقد النصي. يُضاف إلى ذلك أن كلمة ὡς غير موجود في نفس القصة في الأناجيل الإزائية. بالرغم من ذلك، فكون المسيح قد صنع سوطًا أو ما يُشبه السوط فالمعنى مراد واحد.

3. الإشارة في إنجيل لوقا أن بيلاطس خلط دم الجليليين بذابحهم، والتي أفاد مُقدم الفيديو أن الحدث تم بسبب أعمال مشابهه قام بها هؤلاء في محاولة لعرقلة التجارة في الهيكل. في الحقيقة، لا يوجد أي مصدر لهذا الكلام. الحادثة نفسها لا نجد لها ذكر خارج العهد الجديد، وبالتالي يستحيل معها معرفة الأسباب حيث لم تذكر الأسباب في انجيل لوقا، وإن كانت الحادثة تتفق مع ميول بيلاطس الوحشية والدموية.

4. هل تقبل اليهود ما فعله يسوع؟ في الواقع، كان ما فعله يسوع في الهيكل هو سبب رئيس ومباشر للقبض عليه وقتله. نقرأ في مر 11: 18 "وسمع رؤساء الكهنة ومعلمو الشريعة هذا الكلام، فتشاوروا كيف يهلكونه، لأنهم كانوا يخافونه إذ الشعب كله كان مُعجبًا بتعليمه." بعد دخول يسوع الاحتفالي لأورشليم، حتى أن بعض الفريسيين قالوا له "انتهر تلاميذك" (لو 19: 39)، كانت أي محاولة للقبض عليه في تلك اللحظة ستتسبب في هياج شعبي ضد اليهود والرومان. لذا، ذلك الحدث بدأ التخطيط لكيفية التخلص من يسوع.

5. تفسير الكنيسة الكريستولوجي. لم تعني القراءة الكريستولوجية بالنسبة للُكتاب اللاهوتيين الأول، أن يتم التجاوز عن القراءة التاريخية في النص. على سبيل المثال، كيرلس السكندري وهو من أهم المفسرين الكريستولوجيين الإسكندريين يُعلق على النص في تفسيره لإنجيل يوحنا، الإصحاح الثاني: "معقول جدًا أن يكون المُخلص ساخطًا على حماقة اليهود. لأنه ليس من اللائق أن يكون الهيكل الإلهي بيت تجارة، بل أن يكون بيت صلاة." وهو نفسه رأيه في تفسيره لإنجيل لوقا. يوحنا ذهبي الفم في عظاته على انجيل يوحنا لم يقرأ النص بهذه الطريقة إنما قرأه في حرفيته أن يسوع "طردهم وقلب مناضدهم وبدد نقودهم ليروا كيف ألقى نفسه في هذه الأخطار من أجل آداب البيت، وأن بيت السيد لا يمكن أن يُحتقر." (عظات على إنجيل بوحنا 23). وهي نفس القراءة التي يقرأها جيروم في تعليقه على الحدث في إنجيل متى، امبروسيوس في تعليقه على انجيل لوقا (9. 17-18).
في الواقع أيضًا، لم يتم تفسير النص خلال القرنين الأول والثاني، مثلما قيل خطأً في الفيديو. حيث لم يكن التفسير الكتابي محل اهتمام. ولم ينشأ العمل التفسير إلا في فترة لاحقة مع كليمنضس اوريجينوس من بعده.  كان اوريجينوس على دراية بترتيب القصة في الاناجيل الازائية واختلافها عن الترتيب في انجيل يوحنا (تفسير يوحنا 10: 119-127)، وواجهته مشكلة في كيفية حلها (10: 129-130)، لذا قهو يقول "أنه من المُستحيل لمن لا يفهمون أبعد من المعاني التاريخية في هذه الفقرات أن عدم الاتفاق الواضح هو اتفاق." (10: 130). ثم يضيف "... بحسب القدرة المعطاة لنا، الأشياء التي تُحركنا نحو توفيق هذه النصوص." (10: 131) ثم يبدأ في تفسير النص اليوحناوي بصورة رمزية. بالرغم من هذا فهو يعود ليؤكد على تاريخية وحرفية الحدث المذكور (10: 143- 144). وبالرغم، من قبول اوريجينوس تاريخية الحدث، من المهم أن نَذكًر هنا، أن اوريجينوس يقر في كتابه "المبادئ" أنه يلجأ لذلك النوع من التفسير في المواضع التي يجد فيها صعوبة أو مشكلة ما في المعنى التاريخي المُباشر (مثل عدم اتفاق الأناجيل الازائية هنا مع انجيل يوحنا في ترتيب الحدث) راجع (المبادئ 4. 2. 5)

6. بخصوص التجارة في الهيكل. في عام 19 ق.م. قام هيرودس الكبير بمضاعفة حجم الهيكل. وأضاف جزء خارجي دُعي بساحة الأمم Court of the Gentiles ، وهو المكان الذي كانت تتم فيه التجارة بصورة شرعية. وتذكر المشنا على سبيل المثال تدخل الرابايين في بعض الأحيان لتقليل الأسعار الخاصة بالذبائح (Mishnah Kerithoth 1.7) (راجع يوسيفوس أيضًا). لكن، بدا أن السوق قد بدأ يزحف ويمتد إلى داخل المنطقة المقدسة في حرم الهيكل نفسه، وهو المكان الذي طرد منه يسوع الباعة والتجار. لم يكن للدولة الرومانية أي شأن بهذا السوق، ولا التجارة داخله، فهو شأن يهودي خالص. وهو أحد الأسباب -بجانب الخوف من الجموع- التي لم تجعل هناك أي تدخل من الحرس الروماني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لحن آجيوس إستين (أوو كيريوس ميتاسو)

  ملحوظة لقراءة الكتابة القبطية يجب تحميل هذا ال Font (إضغط هنا) يُرجح أن الألحان الكنسية نشأت مع الكنيسة نشاة الكنيسة نفسها، وتنوعت الألحان بحسب التراث الثقافي والحضاري الذي نشأت فيه كل كنيسة محلية. وتعتبر الأحان الكنسية هي جزء لا يتجزأ من العبادة، فهي كما يشير القديس باسيليوس: إن الترنيم هو هدوء النفس ومسرة الروح، يسكن الأمواج ويسكت عواصف حركات قلوبنا.

الطقس القبطي وتطور القداسات الثلاثة

[محاضرة ضمن مادة الكنيسة القبطية التي أدرسها بكلية اللاهوت الأسقفية] الطقس الديني هو مجموعة أفعال وتصرفات رمزية يستخدم فيها الإنسان جسده (عن طريق حركات معينة أو إرتداء زي معين أو ترديد كلمات معينة) لكي يُجسد أفكاره ومفاهيمه الدينية، ويُعبر عن علاقته بالقوى الفائقة التي يعبدها، مع الوقت يصير الطقس نمطًا سلوكيًا وجزءًا اصليلآ من العبادة الدينية، فمن خلال الطقس الديني يعيد الإنسان إحياء وتعيين تجربة مقدسة هي تجربة/خبرة تفاعله/تلاقيه مع الله من هنا فالطقس الديني يحتوى على أمرين: الرمزية والسلوك الإجتماعي.  والطقس الديني الجماعي (مثل ليتورجيا القداس في الكنيسة القبطية) يعزز من الإحساس بالشركة والوحدة داخل الجماعة، فالأفراد يقومون بعمل واحد معًا، وبالتالي فهو يعبر بصورة حية عن مفهوم الكنيسة ووحدتها. والطقس الديني في أساسه ليس غاية لذاته بل وسيلة للتعبير عن الغاية: العلاقة مع الله/ الإيمان؛ وينفصل الطقس عن تلك الغاية، حينما تتحول الممارسة الدينية إلى غاية في ذاتها.

الثاليا: قصيدة آريوس، مقدمة وترجمة

الآريوسية هي المسيحية الحقيقة: "المسيحية الموحدة بالله"، قَدَمَ هذه الفكرة أحد الكتاب المصريين ونشرها في احد الجرائد الرسمية، وكتب عدة مقالات متفرقة عنها. ووصف آريوس والآريوسيين بالـ "مسيحيين الموحدين بالله"، وكان القصد من ذلك الإشارة أن المسيحية الأرثوذكسية التي واجهت للآريوسية لم تكن موحدة بالله لوجود فكرة الثالوث ، وان آريوس – كحامل للمسيحية الصحيحة- قدم المسيح كإنسان ونبي. لكن في مجمع نيقية تم الحكم على آريوس ظلمًا وإختراع فكرة الثالوث وتأليه المسيح.