التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

المسيحي وفيروس كورونا: ماذا يجب أن يفعل المسيحي الآن؟

(1) وقت الأزمات هو الوقت المناسب لأجل أن تُعلن الجماعة المسيحية رسالتها الحقيقة. وهي استعلان محبة يسوع وملكوته للبشرية كلها: اي استعلان رسالة يسوع للعالم: رسالة الرجاء والشفاء والخلاص والسلام. (2) بعين النبوة يكشف أشعياء عن إرسالية المسيح لذلك العالم المتألم: " رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ. لأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لإِلَهِنَا. لأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ. 3 لأَجْعَلَ لِنَائِحِي صِهْيَوْنَ لأُعْطِيَهُمْ جَمَالاً عِوَضاً عَنِ الرَّمَادِ وَدُهْنَ فَرَحٍ عِوَضاً عَنِ النَّوْحِ وَرِدَاءَ تَسْبِيحٍ عِوَضاً عَنِ الرُّوحِ الْيَائِسَةِ فَيُدْعَوْنَ أَشْجَارَ الْبِرِّ غَرْسَ الرَّبِّ لِلتَّمْجِيدِ." (اش 1:61-3).

المسيحي وفيروس كورونا: كيف فشلت كنيسة في كوريا الجنوبية في مسؤوليتها الاجتماعية!

(1) في الأول من مارس 2020، وفي مؤتمرٍ صحفي، جثا "لي-مين-هي" قائد كنيسة "يسوع في شينشونجي Schincheonji " على ركبتيه معتذرًا للأمة على تسبب كنيسته في تفشي فيروس كورونا في كوريا الجنوبية. كنيسة يسوع في مقاطعة شينشونجي هو واحدة من الكنائس العملاقة mega church والتي يصل تعداد أعضائها إلى ثلاثمائة ألف فرد، وهي واحدة من أكثر الكنائس نموًا في كوريا الجنوبية. يقارب تعداد المصابين في كوريا الجنوبية حتى تاريخه التسعة آلاف فرد، بالإضافة إلى أكثر من مائة وفاة. من بين المصابين أكثر من أربعة آلاف فرد هم أعضاء في كنيسة شينشونجي. لكن كيف تسببت هذه الكنيسة في التفشي؟!. يقول دوهيان-كيم أحد الأعضاء أن كنيسته تؤمن أنه مهما كنت مريضًا فيجب أن تأتي في يوم الأحد، وإن لم تقدر، فيجب أن تأتي يوم الإثنين أو الثلاثاء. ونتيجة التعداد الكبير لأعضاء الكنيسة، فالحضور يلتصقون ببعضهم كالسردين حتى أن البعض يجلس على الأرض نتيجة الازدحام. ويضيف أن الكنيسة كانت ترفض أن يرتدوا الأقنعة الواقية خلال الصلاة، حتى بعد انتشار الجائحة في العالم معللين ذلك أنها "عدم احترام [إساءة] لله" (تصري

الجماعة المسيحية، المسؤولية، وفيروس كورونا

(1) يُفترض بالجماعة المسيحية (أي: الكنيسة) أن تعكس صورة الله تجاه المُجتمع، لا عن طريق عظات نظرية بل عن طريق تطبيق عملي تجاه مجتمعها. يُعطى يسوع إشارة لمثل هذه المسؤولية المجتمعية: "تعالوا إلى يا مباركي أبي، رثوا الملك المُعد لكم منذ إنشاء العالم: لإني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، كنت غريبًا فآويتموني، وعريانًا فكسوتموني، وكنت مريضًا فعدتموني، ومحبوسًا فأتيتم إليَّ" (مت 24: 34-36). وبخلاف المسؤولية المجتمعية المنصوص عليها في كل من العهد القديم والعهد الجديد، فنحن نرى تلك المسؤولية الاجتماعية تحتل مركزًا مهمًا في الكتابات المسيحية المُبكرة.

الله، أيوب، نحن، وفيروس الكورونا

يحمل هذا الوباء لعالمنا تحدياتًا فلسفية، واقتصادية، وسياسية، على الأرجح ستغير وجه العالم كما عرفناه من قبل. لكن أبرز هذه التحديات -خاصة في هذا الجانب الشرقي من عالم- هو التحدي الايماني. لا أتحدث عن الجانب الساذج الخاص بأدوات التناول، إنما أتحدث عن الإيمان في عمقه وجذوره. يبقى التساؤل المطروح أمام العديد من أصحاب الديانات والمسيحيين هو نفسه السؤال الذي طُرح بصورة غير مباشرة في سفر أيوب: هل يمكن الوثوق بالله؟ في الحوارات بين أيوب وأصدقائه نجد الله إله متعاطف لكنه يظل بعيدًا وصامتًا بل يترك الشيطان يصيب أيوب بمعاناة لا توصف، وربما في نظرنا بلا سبب. لقد وجد أيوب نفسه أمام خبرة جديدة مع الله الشخصي والمُحب، هو الإله اللامبالي. وهنا لم يجد أيوب مسؤولاً أمامه غير الله. فلا يمكنه أن يضع اللوم على الطبيعة أو الشيطان، فكل هذه جزء من خليقة الله وتحت سيادته وسلطانه.

المسيحي و فيروس لكورونا: ثلاثة أفكار

المسيحي و فيروس كورونا: ثلاثة أفكار (1) إن أسوأ مثال يمكن أن يقدمه المسيحي للإيمان في عالم اليوم هو التحدي الغيبي لكل معايير السلامة التي يحاول العالم أن يفرضها من أجل السيطرة على الجائحة التي أصابته. هنا، المسيحي لا يساعد العالم في شيء، إنما يُقَدمُ رسالة أن الإيمان المسيحي هو إيمان "أناني، لا يكترث للعالم من حوله!" و أن إلهه هو إله "حصري، لا يكترث إلا لأتباعه!." في الواقع، إن المعجزات التي تمت من خلال الأنبياء في العهد القديم، أو من خلال يسوع نفسه في العهد الجديد لم تكن تتم في إطار إلهي منعزل ومنفرد عن مجريات العالم بل كانت تتطلب عمل بشري يعمله الإنسان أولاً ومن ثم يتدخل الله بعدها ليحقق مشيئته.

التفسير المسيحي المُبكر لقصة الخلق (1)

التفسير المسيحي المُبكر لقصة الخلق (1) The Creation of Eve, 12th-century mosaic from the Cathedral of Monreale, Siciliy. تمهيد لا يمكن فهم أي تفسير قديم للكتاب المقدس دون فهم عدة أمور: 1) السياق العام الذي نشأ فيه هذا التفسير. أي السؤال عن الزمان والمكان وماهية المُفسر. 1) السياق الأصغر الذي نشأ فيه هذا التفسير. أي ما طبيعة ونوع هذا التفسير الماثل أمامنا؟! 2) السؤال الذي حاول هذا التفسير الإجابة عنه. أي ما الغرض الذي وضع لأجله هذا التفسير؟! يهدف هذا المقال إلى تقديم بعض النماذج من التفسير المسيحي المُبكر لقصة الخلق، في إطارها المنضبط أي في إطار الإجابة عن الثلاث نقاط السابقة. وينبغي التنويه أن هذا المقال لا يشمل كل التفسيرات القديمة لقصة الخلق بل مجرد طرح عام مع أمثلة. وهذا المقال في الأساس هو جزء من محاضرة ضمن منهج مادة "تاريخ الفكر المسيحي المُبكر" التي أقوم بتدريسها في أحد كليات اللاهوت.

أثناسيوس عن السقوط والفداء

أثناسيوس عن السقوط والفداء المقال هو مختصر لأفكار أثناسيوس السكندري (القرن الرابع) عن السقوط والفداء في سياقها. الأنثروبولوجي (لاهوته عن الإنسان) لا يمكن فهم منطلقات أثناسيوس اللاهوتية عن الفداء دون فهم لاهوته عن الإنسان. فالإنثروبولوجيا هي الأساس الذي بنى عليه أثناسيوس لاهوته عن الفداء. تبدأ الأنثروبولوجيا -والكوزمولوجيا- عند أثناسيوس:  (1) بالخلق من العدم ex nihilo "لكن الله خلق كل شئ بالكلمة من العدم وبدون مادة موجودة مسبقًا" (تجسد الكلمة 3. 1)،  (2) والخلق على الصورة "ولأنه رأي عدم قدرة الإنسان أن يبقى دائمًا على الحالة التي خُلق فيها، أعطاه نعمة إضافية، فلم يكتف بخلق البشر مثل باقي الكائنات غير العاقلة على الأرض، بل خلقهم على صورته وأعطاهم شركة في قوة كلمته." (تجسد الكلمة 3. 3).